إنتاج التين في شنكال: زراعة عريقة وموروث تراثي

مقالات/ حيدر عربو اليوسفاني

مقدمة:

منذ القدم، شكّلت الزراعة حجر الأساس في حياة الإنسان الشنكالي، ولا سيما في سفوح جبال شنكال ووديانها الخصبة. بين زراعة الحبوب وتربية الماشية والتبغ، ظل شجر التين يحتل موقعاً خاصاً في التراث الزراعي والاقتصادي لسكان المنطقة. فالتين في شنكال ليس مجرد محصول موسمي، بل هو ثقافة متجذرة، لها طقوسها وأساليبها وأسماؤها المحلية.
البيئة الجغرافية والملائمة لزراعة التين:
تنمو أشجار التين في شنكال في بيئة جبلية وسهلية، حيث تتوزع البساتين في مناطق مثل:
بارة، دريجي، كيري، كرسي، شرق الدين، وصولاغ، بالإضافة إلى وادي شنكال وقرى مثل ديمية وسيحية.
تتميز هذه المناطق بتربتها الغنية ووفرة أشعة الشمس، وهما شرطان أساسيان لنجاح زراعة التين.
في المناطق الجبلية، يُعمد إلى تنظيف الأرض من الصخور لبناء أسوار حجرية حول البساتين، ثم تقسيمها على شكل مدرجات تعرف محلياً بـ “مشار”، مع تفضيل التربة السوداء والحمراء على البيضاء الكلسية.
طرق زراعة التين:

يزرع التين في بداية فصل الربيع إما عبر:

العقل: وهي الأغصان المقطوعة من شجر مثمر.
الشتلات: يتم غرسها بتباعد 6 إلى 8 أمتار حسب المساحة،
وبينما يمكن زراعة التين من البذور، إلا أن النتائج غير مضمونة، وتُفضل الطرق الخضرية لثبات الصفات الوراثية.
العناية بالأشجار:
الحراثة: تحرث البساتين سنوياً قبل الربيع.
العزق (خةبار): عملية حفر يدوي حول جذوع الأشجار.
التقليم: بإزالة الأغصان اليابسة والشتلات الجانبية.
التطعيم البرعمي والوتدي: لتحسين الإنتاج ومقاومة الأمراض.
التسميد العضوي: يُضاف حول الجذع لتغذية التربة.
أما الأشجار السيحية (المسقية)، فتُسقى أسبوعياً أو كل أسبوعين في بداية النمو، مع إزالة الأعشاب الضارة بانتظام.
علامات نضج التين وطرائق جنيه:
تنضج ثمار التين في أواخر الصيف وأوائل الخريف. تظهر علامات النضج عبر:
تغيّر لون الثمرة إلى العسلي.

تدلي الثمرة.

خروج قطرة من “العسل” من فوهتها.
تجنى الثمار يدوياً وتوضع في سلال أو صفائح.
تجفيف التين – إرث وتقنية:

عملية تجفيف التين في شنكال تعد فناً تراثياً بحد ذاته، وتعرف بثلاث طرق:

1. بن كَر: جمع الثمار المتساقطة تلقائياً.

2. لَخت: هز الشجرة لإسقاط الثمار الجافة.

3. الفرش في المشتاغ: مكان مشمس تصف فيه الثمار ليوم أو أكثر.

تصنيف التين المجفف:

1. الفاخر: كبير الحجم، طري، سكري، يُصنع منه “القلائد” المعروفة بـ “كلواز”.

تصنع القلادة بإبرة خشبية “شوشن” وخيط من البردي المنقوع.

2. التين الجاف (سبيك): فارغ من الداخل، أو تعرض للتلف.

3. الجوكه خواري: تعرض لأكل الطيور أو الزنابير.

4. الفت (فشوش): تين رديء يجفف ويستخدم لصناعة دمى وتماثيل غزلان.

5. التين الأخضر المتأخر (زختكرن): يثقب على الشجرة لتسريع نضجه، ويستخدم لصناعة خبز التين “نانِك”.

أشهر أنواع التين في شنكال:

هيزير

طعمك

تَهَره‌و

باقوري

بَريك

تَعمكيت دينا
الخاتمة:
زراعة التين في شنكال ليست مجرد مهنة بل ثقافة وموروث متناقل عبر الأجيال، تجسّد علاقة الإنسان الشنكالي بالأرض والمناخ والتقاليد. وإن استمرار هذه الزراعة، خاصة في ظل الظروف البيئية والاقتصادية الصعبة، هو بمثابة حفاظ على هوية متجذرة في وجدان المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى