القضية الإيزيدية وموقف المؤسسات العراقية (التشريعية، التنفيذية، القضائية) منها

مقالات /خالد الياس رفو
قررت المحكمة الاتحادية وقف تنفيذ قرارات ما سُمي بـ “السلة الواحدة”، والتي تضم العفو العام، الأحوال الشخصية، والعقارات، بأمر ولائي بعد تقديم طعون من قبل مجموعة من نواب البرلمان العراقي.
ثم أصدر رئيس مجلس القضاء قرارًا بوجوب تنفيذ قرار العفو من قبل المحاكم، بناءً على أن هذا القرار صدر من البرلمان ولا يمكن إلغاؤه إلا من الجهة التي أصدرته، أي البرلمان. ورغم أن آلية التصويت أجريت بطريقة غير شرعية دستوريًا، فقد شكك بعض النواب في اكتمال النصاب في الجلسة، وأكد آخرون أنه لم يتم التأكد من عدد النواب الموافقين على القوانين، وذلك بسبب عدم إجراء عد للأيادي التي تُرفع أثناء التصويت داخل البرلمان، كما صرح بعض النواب في وسائل الإعلام.
لتعود المحكمة الاتحادية وتتراجع عن قرارها، وترد الطعن بقوانين مجلس النواب، ومنها قانون العفو العام.
ما يهمنا هنا هو “العفو العام” الذي يؤثر بشكل مباشر على الإيزيديين، وخاصة أهلنا في سنجار، كونهم المتضرر الأكبر من الجرائم التي ارتكبها الإرهابيون جراء غزو داعش لمناطقنا وارتكاب إبادة جماعية بحقنا.
إصدار هذا القانون يمثل استخفافًا صارخًا بدماء الأبرياء الإيزيديين من قبل البرلمانيين والمؤسسة التشريعية. كما أن قبول القضاء بهذا القانون يثبت أن القضاء العراقي ليس مستقلًا، بل يخضع لضغوط الأحزاب السياسية. إضافة إلى ذلك، فإن عدم إعادة النازحين، وإعادة إعمار سنجار، ودفع التعويضات هو دليل إضافي على تخاذل الحكومة العراقية في أداء واجبها تجاه الإيزيديين، ما يعني أن الجميع خان الشعب الإيزيدي واستخف بدماء الأبرياء.
من المدهش أكثر هو عدم اهتمام الأمير ومجلسه الروحاني بخطورة هذا القانون وإمكانية خلاص الدواعش ومسانديهم من العقاب. كما أن السكوت المخجل للبرلمانيين الإيزيديين الحاليين والسابقين، وعدم تحركهم ضد هذا القانون، يعكس استهانة بمصير ضحايا الإبادة الجماعية. وهذا المخطط المخيف من قبل الأحزاب السياسية في الساحة العراقية يتطلب موقفًا حاسمًا.
على أهل الضحايا وذوي المقابر الجماعية وأهل المختطفين والناجين والناجيات من داعش أن يوكلوا محامين، ويعملوا على رفع دعوى وطعن ضد هذا القانون في أسرع وقت ممكن. يجب أن يرفضوا شمول كل من تلطخت يداه بدماء الأبرياء من العراقيين في سبايكر، سنجار، وتلعفر “التركمان الشيعة”، بالإضافة إلى كل من ساند أو سهل ارتكاب هذه الجرائم.
من المهم جدًا أن يبتعد شيوخ العشائر ووجهاؤها ورؤساء الأفخاذ والعوائل الكبيرة عن القبول بأي تنازل أو تمثيل عشائري لأهل الضحايا وذوي المقابر الجماعية. ويجب التأكيد على أن أهل الضحايا وذوي المقابر الجماعية هم من يمثلون أنفسهم بأنفسهم، ولا يجوز لأي جهة خارجية التدخل في تمثيلهم.
من الأفضل إصدار بيان رسمي من رؤساء العشائر ووجهائها ورؤساء الأفخاذ والمختارين، ومصدق من الجميع، يطالب بمحاسبة ومعاقبة كل من تلطخت يداه بدماء الأبرياء من الإيزيديين، ومن قام بخطف الإيزيديات، ومن ساند أو سهل للدواعش في ارتكاب تلك الجرائم. يجب أن يكون هذا البيان واضحًا في رفض شمول أي من هؤلاء الأشخاص بالعفو العام.
على النشطاء والمهتمين بالشأن الإيزيدي، والمثقفين، ومؤسسات المجتمع المدني، والأحزاب الإيزيدية، حث القانونيين وذوي المقابر الجماعية وأهل الضحايا على تقديم دعوى قضائية ضد قانون العفو العام، أو تحويل القضية والدفع بها إلى الجهات الدولية مثل الأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومحكمة الجنايات الدولية، والمحكمة الأوروبية. يجب أن نضمن عدم إفلات المجرمين من العقاب، وأن تكون حقوق الضحايا أولوية في محافل القانون الدولية.