الكراهية تحاصر الأيزيديين …غياب المواقف الرسمية يهدد بتكرار المأساة

مقالات / خالد الياس رفو

يشهد الشعب الأيزيدي اليوم موجة متزايدة وخطيرة من التحريض والكراهية في مناطق وسط وشمال العراق ، بما في ذلك مناطق ذات الغالبية السنية وإقليم كردستان العراق .
وتتغذى هذه الموجة من خطابات دينية متشددة على بعض منابر المساجد والجوامع ، حيث يتم نشر أفكار ومفاهيم تشرعن الكراهية والتمييز ، مما يساهم في تحويل هذه الأفكار إلى ممارسات يومية ، سواء في الحياة العامة أو عبر حملات على منصات التواصل الاجتماعي ، تتضمن الإساءة والتحريض .

هذا الواقع ليس جديداً ، بل هو نتيجة لغياب إجراءات حازمة من السلطات في بغداد وأربيل في حماية المواطنين الأيزيديين من التحريض والتمييز ، إذ لم ترصد خطوات جدية لمحاسبة مروجي الكراهية أو لسن قوانين رادعة تكفل حماية الأقليات الدينية والعرقية ، رغم المطالبات المستمرة بهذا الشأن .

كما أن دور البرلمانين في بغداد وأربيل لم يكن بالفاعلية المطلوبة ، إذ لم يظهر تحرك تشريعي أو رقابي واضح لمعالجة هذه الظاهرة بما يضمن حقوق المكون الأيزيدي وحمايته .
ويشمل هذا التقييم جميع الممثلين السياسيين ، بما في ذلك المنتمون إلى المكون الأيزيدي ، الذين لم يسجل لهم نشاط قانوني أو سياسي واضح في مواجهة حالات التحريض ، خاصة تلك التي تقع في إقليم كردستان العراق من بعض الجهات الدينية أو الشخصيات المؤثرة ، او من مواطنين عبر التواصل الاجتماعي .

أما المؤسسات الأيزيدية الرسمية ، مثل المراكز الثقافية والاجتماعية والمديريات المعنية ، فقد بدا أداؤها في مواجهة هذه التحديات محدوداً ، حيث لم يلاحظ تحرك قانوني منظم أو حملات توعية ممنهجة لمواجهة خطابات الكراهية أو التصدي للإساءات المتكررة من المنابر أو عبر الإنترنت .
هذا الضعف المؤسسي يجعل كثيرين في المجتمع الأيزيدي يشعرون بأن هذه الجهات غير قادرة حالياً على القيام بالدور الوقائي والدفاعي المطلوب .

وفي ما يخص القيادة الدينية المتمثلة بالأمير والمجلس الروحاني ، فإن البيانات العامة والتصريحات المعلنة ، رغم أهميتها ، لا تكفي في ظل تزايد خطابات التحريض التي قد تشكل بيئة خصبة لوقوع اعتداءات مستقبلية .
المطلوب اليوم هو تحرك قانوني وسياسي وإعلامي منسق على المستويين الداخلي والخارجي ، يوازي حجم الخطر القائم .

إن استمرار هذا الوضع ، مع صمت السلطات الرسمية وتقاعس الممثلين والمؤسسات ، يشكل إخلالاً بالمسؤولية القانونية والأخلاقية ، ويزيد من المخاوف من أن تتحول بيئة التحريض هذه إلى أفعال إجرامية أو هجمات منظمة ، على غرار ما حدث في الماضي .

وعليه ، أرى أن من الضروري أن تبادر الجهات الأيزيدية الرسمية في الداخل ، بالتنسيق مع المنظمات والجمعيات في الخارج ، إلى توحيد مواقفها وجهودها ، من أجل توجيه رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي ، وفي مقدمته الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية ، للتنبيه إلى أن التطورات الراهنة قد تشكل خطراً جدياً على السلم الأهلي وحقوق الإنسان ، بما يستدعي اهتماماً عاجلاً وإجراءات وقائية مناسبة .
وفي هذا الإطار ، يمكن للتنظيمات الأيزيدية في الولايات المتحدة وأوروبا ، ومنها ألمانيا ، أن تدعو المؤسسات الدولية إلى حث حكومة العراق الاتحادية وحكومة إقليم كردستان والبرلمانات التابعة لهما على تحمّل مسؤولياتها الكاملة في حماية المكوّن الأيزيدي وضمان حقوقه ، واتخاذ التدابير الكفيلة بمنع أي انتهاكات أو اعتداءات مستقبلية ، مع التأكيد على أن هذه المخاطر ليست احتمالات نظرية ، بل تستند إلى معطيات ووقائع موثقة يمكن عرضها أمام الجهات الدولية المختصة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى