المطر في موروث الديانة الايزيدية

حيدر عربو اليوسفاني
هناك الكثير من الظواهر الطبيعية و المظاهر الحياتية من حولنا ، غدت محوراً و رموزاً تراثية شعبية سلبية الانطباع كانت ام ايجابية في ذاكرتنا ، و تمحورت حولها الكثير من الاحداث و الامثال و القصص و الروايات و الاساطير الطريفة .
المطر راسخ في تراث جميع الامم و الشعوب لانه يجلب الخير الذي ينشدونه و يجلب الشر الذي يخشونه ، لذا فله وقع و موقع مختلفان ، و حين ينقطع المطر يدعو الناس من اجل مجيئه ، و حين يجىء بغزارة و يتسبب في الفيضانات يرجون ان ينقطع و هكذا نشأت علاقة مثيرة للجدل بين المطر و البشر في كل مكان و زمان .
و بسبب هذه العلاقة اختارت الديانة الايزيدية منذ القدم إلهٌ (خودان) للمطر و يسمى ب (مهمد رشان ) من طبقة البير و حسب الميثولوجية الايزيدية عندما يتأخر سقوط المطر او في سنوات الجفاف و القحط ، الناس او المجتمع الايزيدي يتوجهون الى مزاره( إله المطر ) عند سفح جبل مقلوب بقضاء شيخان ، و يمارسون نوع من طقوس الخاصة طلباً من الباري تعالى و بير مهمد رشان هطول الامطار و الخير ، و مانراهم غالباً يرشون الماء على بعضهم البعض و على المارة و الزائرين استذكاراً لمجيء الامطار .
و قد نشأت منذ القدم هذه العلاقة في الموروث الايزيدي و التي ارتبطت ارتباطاً عضوياً بالمطر في جوانب العديدة انعكست بوضوح في ادب و فلكلور الايزيدي المثوارت كالاهازيج و اغاني الاطفال و ابرز ماكانت يتردده الاطفال قديماً و لازالت ( بارانێ ببار ببار ، جوکا کەنمێ تە خوار ، تالیا مایی قتکا خوار ) و لم يقتصر تراث الايزيدي و خصوصاً منطقة جبل سنجار اهازيج و اغاني المطر التي كانت يتردده الاطفال فقط و انما تتضمن ايضاً في ستران و اغاني و امثال و حكايات و عبر و قصص ، و ارتبطت تلك الاهازيج و الاغاني بعادات و تقاليد المجتمع و بقت متأصلة و متجذرة فيه حتى يومنا هذا و لا يكاد يستغنى عنها .
كما هناك بعض عادات يقوم بها المجتمع الايزدي سابقاً ، و اثناء سنوات القحط و بعض من هذه العادات بمثابة لعبة ترفيهية و عند شحة الامطار يلجأ الاطفال الى قيام بعمل دمية تدعى (قردك) اي تصغير للقرد ، و يمثل احد الشباب اباً له كما يتم تعيين احدى الفتيات امه و يتجولون به في ازقة القرية و التسول عن الطحين بينما ربات البيوت و الاهالي يمنحونهم الطحين و مواد غدائية اخرى و يرشون عليهم الماء من فوق السطوح و يرددون انشودة القردك (قردکێ قردۆش ،سیتل و بەرۆش ، محما رەشان …ھتد) و بعد اكمال الجولة و الحصول على الطحين سيتم العجن و خبزه بالساج و يوزعون الخبز فيما بينهم و يتم دفن قردك في احدى الوديان من قبل الوالدين و بحضور المشاركين و يتفرقون حيث يعتقد سقوط الامطار بعد تلك العملية .و هذا التقليد مازال موجودة في بعض المناطق الايزيدية و بعض مناطق الريفية من دهوك و سليمانية لكن ليس بتسمية قردك و انما بعنوان او تسمية (بووكا بارانێ) .
كما هناك بعض عادات اخرى تقوم بها الشباب و الفتيات ومنها لعبة(یاریا تالان ئانين و كێلانێ و سووتنا سەڕێ کرێ مری ). و حسب اعتقادهم ان المطر سوف تهطل بعد هذه العمليات .