قصة قشمي (قشما كلحو): دراسة تأصيلية في الموروث الشفهي الإيزيدي

مقالات/حيدر عربو اليوسفاني

يتميّز الفلكلور الإيزيدي بغناه بالقصص التي تعكس تاريخهم الحافل بالصمود والمآسي. من بين هذه القصص، تبرز شخصية “قشمي” أو “قشما كلحو”، التي تغنى بها الفنانون والشعراء الإيزيديون عبر مواويلهم، حاملةً معها رموز الفقد والصبر والبطولة.
تتعدد الروايات حول قشمي، فتختلط الحقيقة بالأسطورة، وتعكس ظروف العنف والفرمانات التي واجهها الإيزيديون. يهدف هذا البحث إلى:

  • توثيق الروايات المتداولة حول قشمي.
  • تحليل مكانتها الرمزية في الذاكرة الجمعية الإيزيدية.
  • تقديم قراءة اجتماعية وثقافية لدلالات قصتها. أولًا: الأصول التاريخية للرواية
  • الرواية الأكثر تداولًا (رواية بير حسن – من قرية حمدونا)
  • قشمي سبية إيزيدية من “ولاتى خالتا”، أخت علي كلعو.
  • زوجها كان “كلش جلو”، فارسًا شهيرًا في الدفاع عن الإيزيديين، قاتل في معركة “شري دلانا” حيث حقق الإيزيديون انتصارات مهمة، لكن في النهاية قُتل بعد جرحه.
  • بعد مقتله، تعرضت القوات الإيزيدية للانهيار، وبدأ “الفرمان الكبير”، ما أدى إلى أسر قشمي وأخذها “إيزدين شير”، أحد أمراء البوتان، زوجةً له.
  • بعد فترة، قُتل إيزدين شير في معركة كبيرة، وعادت قشمي محط استهزاء شباب المنطقة، الذين كانوا يرددون عبارات غنائية تهكمية مرتبطة باسمها:

«يكي خو بگرا… اش پاچو بگي… اش عبدالله بگي… اش مترزال بگي… اش ميركيت بوتا…»

  • كانت تلك الأغاني تروى في جلسات السمر، وبقيت محفوظة في مواويل فلكلورية شفهية يرددها فنانون مثل المرحوم خيرو خلف خفو والمرحوم قپال دومو و خدر فقير و بير مجو و غيرها.
  • الرواية البديلة (رأي بعض الباحثين)
  • ينفي البعض نسب قشمي إلى الإيزيديين، معتبرينها امرأة غير إيزيدية دخلت في تراث المنطقة عبر اختلاط الثقافات الشفهية.
  • يؤكدون أن تكرار ذكرها في المواويل لم يكن دائمًا مرتبطًا بأحداث حقيقية، بل أحيانًا رمزًا للمرأة المغلوبة على أمرها.

ثانيًا: البعد الرمزي والاجتماعي لشخصية قشمي

  • رمز المرأة الأسيرة
    قشمي تمثل نموذجًا للمرأة التي وقعت ضحية النزاعات، وعاشت مأساة السبي، وهو مصير عاشه الإيزيديون مرارًا عبر التاريخ مثل ما حدثت في فرمان ٢٠١٤.
  • دور المواويل في تخليد الذكرى
    في الفلكلور الإيزيدي، المواويل ليست مجرد غناء، بل سجل تاريخي ينقل آلام الماضي ويمنح الضحايا صوتًا.
  • قشمي والفرمانات
    تتصل قصتها مباشرة بفترة “الفرمان الكبير” – رمز الظلم والتهجير والقتل ضد الإيزيديين، ما يجعلها علامة على الهوية الجمعية. ثالثًا: البُعد الفلكلوري والفني
  • في الغناء الإيزيدي، غالبًا ما تُتلى مواويل “قشما كلحو” بصوت شجي يلامس الوجدان، ويحمل شجن فقدان الأحبة.
  • بعض الفنانين أضافوا أبياتًا أو حذفوا أخرى، ما يعكس طابع التراث الشفهي غير الثابت.
  • بالرغم من هذا التغيّر، حافظت شخصية قشمي على رمزيتها:

«المرأة التي قاومت بصبر، وواجهت مصيرها المرير.»

رابعًا: مقارنة مع شخصيات نسائية مماثلة في الفلكلور الإيزيدي

مثل “خيون خاتو” و”زريفة خاتو”، تشترك “قشمي” مع رموز نسائية أخرى في:

ارتباطها بالمقاومة والدفاع عن الهوية.

تمثيل المرأة التي أصبحت جزءًا من ملحمة شعب بأكمله.

التأكيد على دور النساء في مواجهة الظلم، سواء بالفعل أو بالصبر.

خامسًا: التحديات في توثيق قصة قشمي

  • اعتماد الروايات الشفهية يجعل من الصعب حسم “الحقيقة التاريخية” لشخصية قشمي.
  • وجود اختلافات في نصوص المواويل، بين من يُغنيها ومن ينفي علاقتها بالإيزيديين، يزيد من صعوبة التوثيق الأكاديمي الدقيق.
  • مع ذلك، تشكّل قشمي جزءًا حيًا من الذاكرة الثقافية، وهذا بحد ذاته يمنحها شرعية في الخطاب الفلكلوري.
    خاتمة:
    قصة “قشمي” (قشما كلحو) مثال حي على كيفية امتزاج الأسطورة بالتاريخ في الفلكلور الإيزيدي. سواء كانت قصة حقيقية أو مجازية، فإنها تظل صرخة منسية في وجه الظلم، وصورة للمرأة التي لم تُنسَ رغم كل محاولات المحو. يكشف البحث عن عمق الوجدان الإيزيدي في تحويل المأساة إلى قصائد ومواويل، تُغنّى وتتناقلها الأجيال. قائمة المصادر والمراجع

1️⃣ روايات بير حسن (قرية حمدونا، نقلًا عن الذاكرة الشفهية).
2️⃣ تسجيلات مواويل المرحوم خيرو خلف خفو والمرحوم قپال دومو.
3️⃣ دراسات حول الفلكلور الإيزيدي (مقالات محلية ومؤتمرات فلكلورية).
4️⃣ مقابلات شفهية مع كبار السن في القرى الإيزيدية.
5️⃣ دراسات عن أثر الفرمانات العثمانية ضد الإيزيديين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى