مصير الأيزيديين بين الاعتراف بالإبادة وخطر الترحيل

مقالات/خالد الياس رفو

منذ فترة تكثّف الحكومة الألمانية جهودها لترحيل الأيزيديين إلى العراق، رغم أن هؤلاء الأشخاص غادروا وطنهم بحثًا عن الأمن والسلامة بسبب الإبادة الجماعية التي تعرضوا لها .

منذ عام 2014، واجه الأيزيديون ظلمًا واضطهادًا شديدين وجرائم بشعة على يد تنظيم داعش، مما أدى إلى نزوح مئات الآلاف منهم إلى مخيمات تُعاني من ظروف معيشية قاسية ، إضافةً إلى ما أصابهم من عذاب الإبادة الجماعية .
كما هاجر عشرات الآلاف من الأيزيديين إلى دول عدة، من بينها ألمانيا ، حيث سعوا إلى بناء حياة جديدة بعيدًا عن خطر الموت .

في 19 يناير 2023، اعترفت الحكومة الألمانية رسميًا بأن ما تعرض له الأيزيديون يُعد إبادة جماعية .
بعد هذا الاعتراف ، تولّد لدى المجتمع الأيزيدي أملٌ بأن السلطات الألمانية ستعمل على ضمان بقائهم في البلاد وعدم ترحيلهم .
ينبع هذا الأمل من مخاوف حقيقية بشأن ما قد يواجهه الأيزيديون في العراق في حال إعادتهم إليه ، حيث لا تزال الظروف الأمنية والاجتماعية غير مستقرة، مما يعرضهم لخطر كبير واحتمال تكرار الإبادة .

ورغم مرور ما يقرب من أحد عشر عامًا على الجرائم التي ارتكبها داعش بحقهم ، لا يزال الأيزيديون يواجهون تحديات وصعوبات كبيرة في حياتهم اليومية .
الجماعات المتطرفة لا تزال تنظر إليهم على أنهم “كفار”، مما يؤدي إلى تهميشهم ورفضهم اجتماعيًا .
يتجلى هذا الرفض في خطابات الكراهية والتحريض التي تُلقى من بعض المنابر في المساجد والجوامع ، حيث يشجع بعض رجال الدين على العنف ضدهم .

إن هذه الظروف تجعل من الصعب على الأيزيديين العيش بسلام في المجتمع العراقي ، وتزيد من معاناتهم ، خاصةً بعد ما عانوه من إبادة خلال السنوات الماضية .

قضية ترحيل الأيزيديين هي قضية إنسانية بالدرجة الأولى، وهي مسألة معقدة تتطلب توازنًا دقيقًا بين القوانين المتعلقة باللجوء وحقوق الإنسان .
لذلك ، من الضروري التعامل مع هذه القضية بحساسية وفهم عميق لمعاناة الأيزيديين ، وضمان أن تُتخذ القرارات بناءً على الحقائق على أرض الواقع .

ندعو الحكومة الألمانية إلى إعادة النظر في قرارات ترحيل اللاجئين الأيزيديين ، إذ إن إعادتهم إلى العراق تعرّض حياتهم للخطر وتهدد مستقبلهم .
يجب على الحكومة أن تعترف بحقيقة أن الأيزيديين في العراق ما زالوا يواجهون خطرًا كبيرًا ، فقد تعرضوا لإبادة جماعية وتهجير قسري على يد تنظيم داعش ، وما زالوا يعانون من تحديات أمنية واجتماعية .
فآثار الإبادة والصدمة ما بعد الإبادة لا تزال مستمرة ، ومناطقهم غير آمنة ، والتمييز ضدهم مستمر .

إن ترحيلهم لن يؤدي فقط إلى معاناة شخصية ، بل سيقضي على آمالهم في حياة مستقرة وآمنة .
لقد أصبح الكثير من الأيزيديين جزءًا من المجتمع الألماني، ونجحوا في الاندماج والمساهمة فيه بشكل إيجابي .
لذا ، نطالب الحكومة الألمانية بالوفاء بالتزاماتها الإنسانية والأخلاقية والقانونية ، ومنح هؤلاء الضحايا فرصة حقيقية لإعادة بناء حياتهم في بيئة تحترم حقوقهم وكرامتهم ، والتوقف عن ترحيلهم من ألمانيا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى