مجلس النواب العراقي وتقسيم الغنائم
خالد الياس رفو
مجلس النواب العراقي، ومنذ أشهر، يشهد صراعًا حادًا بين الكتل السياسية الكبرى حول قوانين مثيرة للجدل، حيث تم صياغتها وتفصيلها لصالح كتلة معينة، ما جعل الجدل حولها يتصاعد بشكل غير مسبوق.
لكن ما يثير القلق أكثر هو أن هذه القوانين تمس حياة المواطن العراقي بشكل مباشر، وتؤثر في مستقبل الأجيال القادمة. فالتشريعات التي يتم إقرارها اليوم، لا تعكس هموم الشعب ولا تواكب تطلعاته.
قانون تعديل الأحوال الشخصية الذي تم إقراره، يعد بمثابة ضربة قوية للعائلة العراقية ونسيجها المجتمعي. هذا القانون لا يُغَيِّب فقط دور المرأة العراقية، بل يلغي حقوقها الأساسية، مثل الحضانة والنفقة، ويشجع على تزويج الفتيات القاصرات دون السن القانونية، مما يعني “تزويج الأطفال”. هذه الصيغة الجديدة للقانون لاقت اعتراضًا جماهيريًا واسعًا، وما زالت تثير الغضب في الشارع العراقي.
قانون العفو العام، الذي يُعد عفوًا عن الفاسدين ومرتكبي الجرائم، تم إقراره في “سلة واحدة” مع بقية القوانين، كما وصفه البعض. هذا القانون، الذي يهدف إلى تمرير مصالح الكتل البرلمانية المتنفذة، يتجاهل مصالح الشعب. فعندما تتكتل الكتل البرلمانية لتمرير القوانين معًا، وكأنها سلة خضار وفواكه، يثبت أن الأمور في العراق ليست سوى تقسيمًا للغنائم، وليس تشريعات لصالح المواطن.
إن “تقسيم الكعكة” مازال مستمرًا في العراق، وكأننا نعيش تحت شعار “أنت هوس وأنا هوس ونتقاسم بالنص”. بمعنى آخر، كل طرف يتغاضى عن الآخر طالما أن كل طرف سيأخذ نصيبه، بينما المواطن يبقى المتضرر.
والأكثر إيلامًا هو أن الأقليات، وعلى رأسهم الأيزيديون، لن يجنوا من هذه القوانين سوى الضرر. بل على العكس، نحن الأكثر تضررًا من هذه التشريعات، خصوصًا من قانون العفو العام. أما الطامة الكبرى، فهي أن من بين البرلمانيين الذين وقعوا على هذا القانون يوجد ممثلون عن الأيزيديين، الذين من المفترض أن يكونوا صوتًا للضحايا، وأهل المقابر الجماعية، وأبناء الإبادة الجماعية. هؤلاء البرلمانيون وقعوا على قانون العفو، مما يعني أنهم عفوا عن الإرهابيين الذين ارتكبوا أبشع الجرائم بحقنا من قتل، وخطف، واغتصاب، ونهب، وتركوا وراءهم مقابر جماعية. هؤلاء المجرمون تم العفو عنهم بأيدٍ أيزيدية!
في المقابل، فإن مجلس النواب العراقي يواصل إقرار قوانين تضر بالشعب، بينما يتجاهل قوانين حيوية تصب في مصلحة المواطنين. نذكر منها: قانون تعديل سلم الرواتب للموظفين، قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي، قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، قانون تعديل رعاية ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة، وقانون الضمان الاجتماعي والتقاعد للعمال. هذه القوانين حيوية، وقد تم إهمالها لسنوات، رغم أنها تصب في مصلحة جميع العراقيين.