الأيزيديين.. من الإبادة إلى المقاومة: تحولات جوهرية بعد مأساة 2014

زيوا نيوز/سنجار

منذ عام 2014، شهد المجتمع الأيزيدي تحولات عميقة غيرت مسار حياته بشكل جذري، وذلك بعد الإبادة الجماعية التي تعرض لها على يد تنظيم داعش الإرهابي. اجتياح التنظيم لمناطق الأيزيديين في سنجار أدى إلى واحدة من أبشع الكوارث الإنسانية في تاريخ العراق الحديث، حيث قُتل الآلاف بدم بارد، واختُطف الآلاف من النساء والأطفال، تاركًا المجتمع الأيزيدي في مواجهة مأساة لا توصف.

في تلك اللحظة المفصلية، اكتشف الأيزيديين أنهم مكشوفون تمامًا أمام هجوم داعش، دون أي قوة محلية تحميهم. ورغم أن قوات البيشمركة الكردية كانت تتولى مسؤولية حماية مناطقهم، إلا أنها انسحبت بشكل مفاجئ عند اقتراب التنظيم الإرهابي، تاركة سكان سنجار يواجهون مصيرهم المأساوي.

هذا الانسحاب المفاجئ زرع شعورًا بالخيانة العميقة لدى الأيزيديين، الذين أدركوا أنهم لا يستطيعون الاعتماد على أي جهة خارجية لحمايتهم. كانت هذه اللحظة نقطة تحول حاسمة دفعت المجتمع إلى إعادة التفكير جذريًا في كيفية تأمين نفسه ضد أي تهديد مستقبلي.

اليوم، وبعد مرور 10 سنوات على كارثة الإبادة، تغيرت المعادلة بشكل جذري. لم يعد الأيزيديون ينتظرون الحماية من الآخرين، بل قاموا ببناء تشكيلات عسكرية محلية تهدف إلى حماية أراضيهم ومنع تكرار مأساة 2014.

وحدات مقاومة سنجار (YBŞ) والحشد الشعبي الأيزيدي هما من أبرز التشكيلات التي ظهرت خلال هذه الفترة. تتألف هذه القوات من أبناء المنطقة الذين تطوعوا للدفاع عنها، لتصبح رمزًا لصمود المجتمع الأيزيدي وقدرته على حماية نفسه.

هذه القوات لعبت دورًا محوريًا في منع تنظيم داعش من تحقيق أهدافه بالكامل في المنطقة، حيث تمكنت من صد هجمات التنظيم الإرهابي وحماية جبل سنجار، الذي تحول إلى ملاذ آمن للناجين من الإبادة.

بعد الإبادة، تجند مئات الشباب الأيزيديين في صفوف القوات المحلية. خاض هؤلاء معارك شرسة ضد تنظيم داعش، وقدموا تضحيات كبيرة في سبيل حماية أراضيهم وشعبهم. ومع مرور الوقت، اكتسبت هذه القوات خبرة قتالية وتنظيمية جعلتها قادرة على التعامل مع أي تهديد جديد قد يطرأ.

هذا التحول لم يقتصر على الجوانب العسكرية فقط، بل شمل الجانب النفسي والمعنوي للمجتمع الأيزيدي. فبعد سنوات من المعاناة، بات المجتمع أكثر إصرارًا على حماية نفسه وعدم الاعتماد على أي طرف خارجي.

رسالة وحدات مقاومة سنجار: لن نسمح بتكرار مأساة 2014
في تصريح خاص لوكالة “زيوا نيوز”، قال أحد قادة وحدات مقاومة سنجار:
لقد تعلمنا من ماضينا المؤلم أن حماية مجتمعنا هي مسؤوليتنا وحدنا. في 2014، تُركنا نواجه مصيرنا وحدنا، واليوم نحن هنا لنضمن أن ذلك لن يتكرر. لن نسمح لأي قوة بتهديد كرامتنا أو أرضنا مجددًا.”

وأشار القائد إلى أن هناك تنسيقًا مستمرًا مع القوات العراقية الرسمية لضمان أمن مناطق سنجار، إضافة إلى مراقبة دقيقة للتطورات الإقليمية، خاصة تلك المتعلقة بالحرب في سوريا، حيث قد تؤدي التطورات هناك إلى تهديدات جديدة تمتد إلى الأراضي العراقية.

وأكد على أهمية دور الشباب الأيزيدي في الدفاع عن أرضهم، داعيًا للمزيد من التجنيد والانضمام إلى صفوف وحدات مقاومة سنجار لضمان استمرارية الحماية.

ما حدث بعد 2014 يُعد تحولًا تاريخيًا في هوية المجتمع الأيزيدي. من مجتمع منكوب يفتقر إلى الحماية، إلى مجتمع مُسلح بالإرادة والخبرة والقوة التي تمكنه من التصدي لأي تهديد وجودي.

هذا التحول يعكس روح الصمود التي أصبحت جزءًا من هوية الأيزيديين، الذين يبعثون رسالة واضحة للعالم:
لن نسمح بأن نكون ضحايا مرة أخرى. نحن هنا لنحمي أنفسنا وأرضنا، ولن نترك مستقبلنا عرضة لأي خطر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى