السردية الأميركية في استهداف الأمن الوطني في بغداد

زيوا نيوز/بغداد
دقَّت صافرات الإنذار في السفارة الأميركية (وكر التجسس) في بغداد، تقريبًا في الساعة: (4:30) من فجر يوم الجمعة، الموافق: 8-كانون الأول-2023، ونُشِرَ بعدها خبر… أنَّ السفارة الأميركية (وكر التجسس) قد قُصِفَت بالصواريخ من داخل بغداد، وبعد ذلك نُشِرَ خبر… أنَّ مبنًى لجهاز الأمن الوطني قد أصابه الضرر من القصف، وكذلك بعض البيوت.
من أجل ذلك نعرض قراءتنا وتحليلنا للحدث، في أدناه:
1- المعطيات:
أولًا: سبق أن ادَّعى مصطفى مشتت (رئيس الوزراء الماضي)، في: 7-تشرين الثاني-2021، استهداف منزله في المنطقة الخضراء بمُسَيَّرة؛ فخرج في الإعلام، يلف يده بخرقة على أنه مصاب، واصفًا المُسَيَّرات والصواريخ أنها جبانة، إذ قال: «إنَّ الصواريخ الجبانة والطائرات المُسَيَّرة الجبانة؛ لا تبني أوطانًا ولا تبني مستقبلًا… »
كان مصطفى مشتت، قد كشف للإعلام تصويرًا يدَّعي أنه مكان الحادث، وسرعان ما تضامنت معه الإدارة الأميركية، لرسم مسار تصعيدي ضاغط من أجل تقويض قوة الرافضين لولايته فضلًا عن تجديدها، إذ كان قد قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية (نيد برايس) في بيان: «لقد شعرنا بارتياح عندما علمنا أنَّ رئيس الوزراء لم يصب بأذى. هذا العمل الإرهابي البيِّن، الذي ندينه بشدة، استهدف صميم الدولة العراقية».
ثانيًا: سبق أن ادَّعى الإعلام المناوئ والأصفر، والجهات الموالية لأميركا، أكثر من مرة: (موت طفلة) بسبب استهداف لمحيط السفارة الأميركية (وكر التجسس) يخطئ الهدف ليصيب منزلًا، وكانت البيانات تُنشَر بعد لحظة الاستهداف فورًا، لكن! لم يرَ أي أحد يومًا قبرًا للطفلة التي (ماتت أكثر من مرة) بالاستهداف!
2- التحليل:
أولًا: تفجَّرت تظاهرات كبرى في الأردن، إزاء السفارة الأميركية في عَمَّان، يوم الجمعة، الموافق: 8-كانون الأول-2023، أي: (في اليوم نفسه لقصف السفارة الأميركية في بغداد)… طالب الشعبُ الأردني بها في غلق السفارة الأميركية، وهذا تصعيد شعبي بوجه أميركا، بسبب قيادتها حرب الإبادة الجماعية على غزة في فلسطين، وأميركا عانت الأمر نفسه في بغداد، لذلك تحتاج إلى تصريف للأزمة.
ثانيًا: أعلنت الحكومة العراقية، بعد (قصف السفارة الأميركية) بيوم واحد، أي: (9-كانون الأول-2023)، أنَّ ما وصفته (بالاعتداء) على السفارة الأميركية، كان قد طال كذلك «مقرَّ جهاز الأمن الوطني»!
ثالثًا: أعلنت العمليات المشتركة في بيانها بشأن قصف السفارة، جملة غريبة، إذ قالت إنَّ القصف أصابَ «رادارًا لهم يُستخدم لكشف المهربين»! لكن! بحسب خبراء الأمن وتقنياته، وأجهزة الرصد؛ فإنَّ أحدًا لم يسمع بوجود مثل هذا الرادار! فكيف تسرَّبَ إلى فصول السردية لولا أنَّ أميركا هي التي سوَّقَت السردية هذه!
رابعًا: لم تُنشَر أي صور تكشف الأضرار في مقر جهاز الأمن الوطني، ولا الرادار المزعوم، وهذا لا يدعم سردية إصابة مقر الجهاز، ففي سردية قصف منزل مصطفى مشتت (مع وجود تصوير) لكن! لم يشفع للسردية تصديقها، فكيف عندما لا يكون هناك أي تصوير! ألا يكشف هذا تردد الأجهزة الأمنية في قبولها هذه السردية في الأساس!
خامسًا: إنَّ مسار التحليل، على وفق معطياته، ومصادره الماضوية، والسردية الأميركية المستخدمة من قَبْل؛ يكشف لنا أنَّ إصابة مقر جهاز الأمن الوطني، والرادار… هي سردية أميركية، وليست حقيقة، واعتمدتها الحكومة من أجل كسب جولة مناورة لا أكثر.
سادسًا: إنَّ أهم خطوة اتخذتها حكومة السيد السوداني، في مناورتها هي: (تقرر تبديل الفوج الرئاسي بفوج من الفرقة الخاصة لمسك القاطع المذكور)، أي: في المنطقة الخضراء، وهي خطوة تتصل في موضوع محاسبة (اللواء الرئاسي الكردي)، إذ كان ضمن توصيات اللجنة في قضية التجاوزات على أرض الجادرية: (إلزام لواء رئاسة الجمهورية الثاني بإخلاء جزء من مقر فوج المشاة الرابع في الجادرية)، وكذلك: (إحالة الفوج إلى التحقيق). علمًا إنَّ فريق الحماية الرئاسي الكردي، كان يساهم في دعم السردية الأميركية، وتهيئة أدواتها المناسبة مع كل مرة أميركا تُسَوِّقها.
3- الخلاصة:
أولًا: إنَّ عملية قصف السفارة الأميركية بالصواريخ، يوم الجمعة، الموافق: 8-كانون الأول-2023، وهو اليوم نفسه لتشييع الشهيد القائد (منتظر علاء المعموري -رضوان الله عليه-) هي عملية تختلف عن سابقات القصف التضليلي المسرحي.
ثانيًا: ادِّعاء إصابة مقر جهاز الأمن الوطني، وإصابة ما يسمى (رادار كشف المهربين)؛ هو سردية أميركية مفروضة على بعض الأجهزة الأمنية، وليست حقيقية، أميركا استبقت بها ساعات تشييع الشهيد القائد منتظر علاء المعموري؛ لتخفيف الضغط عنها، وتأليب الحكومة على المقاومة والحشد الشعبي، وتحويل قصة قصف سفارتها إلى قصف المباني الحكومية العراقية! وهذا دلالة على نوع القصف وطبيعته.
ملاحظة : الآراء المطروحة في هذا المقال تعبر عن رأي المركز، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الوكالة