السنة والشيعة في مأساة غزة

مقالات

وقف شاب من غزة على حطام منزله الذي دمرته غارة إسرائيلية، كان الحزن يغطيه أكثر من التراب، قال بنبرة موجوعة: حسبنا الله ونعم الوكيل على العرب.. العرب المتخاذلين.
شاهدتُ اللقطة على قناة الجزيرة، وسألتُ نفسي: أين الفتاوى الجهادية التي كان يطلقها علماء الدين السنة ضد الشيعة؟ لماذا لم يفتوا ضد إسرائيل بمعشار ما فعلوه مع الشيعة؟ أين خطبهم الحماسية الملتهبة ناراً وجمراً؟ ما الذي جعل علماء السنة وقياداتهم في الأردن ومصر والعراق والدول الخليجية يلزمون الصمت أمام أبشع عملية إبادة ضد المسلمين في غزة وهم من أبناء السنة؟
واقع مؤلم يجعلك تجد الجواب سريعاً منحصراً بفكرة واحدة، إنها الطائفية التي تحكم مواقف الحكام وعلماء الدين والقيادات السنية. وقد برع العديد من مبتكري النكات في تصوير المشهد بأنه خاضع للحساب الطائفي. وكان أكثر ما لفت انتباهي نكتة يسأل صاحبها: متى يقف علماء وقادة السنة مع غزة ضد إسرائيل؟ ويجيب: عندما يصبح اليهود شيعة.
لقد لخص صاحب النكتة الموقف بدقة، وطرحه ببساطة واختصار. فتلك هي القضية المركزية التي تحكم مواقف الحكام والقيادات والعلماء السنة. فهم يتعاملون على أساس أن حرب غزة هي قضية شيعية، لأنها ضمن محور المقاومة ذي الطابع الشيعي.
كتب ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي من مصر والأردن والدول الخليجية بأن أهل غزة جنوا على أنفسهم، لأنهم اعتمدوا على ايران وحزب الله، وبذلك خسروا الدعم العربي. كتبوا ذلك وكأنهم يشمتون بأهل غزة، ويحملّونهم إثماً ارتكبوه، فاستحقوا هذا العذاب.
لكن المقاومة في غزة لم تلجأ الى محور المقاومة الشيعي (الشرير الكافر) إلا بعد أن انتظرت العقود الطويلة من التخاذل المفضوح للقيادات السنية، حتى وصل الحال بهذه القيادات أنها صارت تفتي وتدعو وتروج وتسير نحو التطبيع مع إسرائيل. لقد ذهبت مقاومة غزة الى المحور الذي وجدت فيه نداء الكرامة، ولم يكن أمامها سواه من أجل الحصول على حقوقها في أرضها.
سيقول البعض هذا مقال طائفي. سأتراجع وأعتذر شرط أن تُروني مشهداً غير هذا في التعامل مع مأساة غزة. حدّثوني عن بطولةٍ نصرتْ أهل غزة غير محور المقاومة في لبنان والعراق واليمن وايران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى