جبل شنكال موطن الايزيديين على مرّ العصور

حيدر عربو اليوسفاني

يقف رابضاً في مكانه و شامخاً تكسو قامته جنان التي تجمع الاف الاشجار، انه جبل شنكال احد جبال كوردستان.
جبال شنكال هي سلسلة جبلية تمتد مائة كيلومتر من الشرق الى الغرب، و ترتفع فوق سهول سهوب الغرينية المحيدة في الشمال الغربي من العراق و يبلغ ارتفاع اعلى قمة فيه الى 1463متر، و يبلغ طول اعلى منطقة في هذه الجبال 75 كم و تقع في محافظة نينوى الجزء الغربي و السفلي من هذه الجبال يقع في سوريا و يمتد لقرابة 25كم ، و اعلى قمة فيه هي قمة سندل كلوب ،
تقع جبل شنكال على خط طول 41،42شرقاً من خط غرينش ، و تقع عند دائرة عرض 36،21 شمال خط الاستواء و تقع مدينة شنكال جنوب السلسلة الجبلية و يعتبر جبل شنكال مقدسة لدى الايزيديين, وهو احد اقدم الاماكن التي سكنها الانسان في العراق القديم ،و يعود تاريخه الى حوالي ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد . لاتوجد رواية مؤكّدة لتسمية جبل شنكال بهذا الاسم ، فيوجد من يربطها بقصة الطوفان وهي رواية ضعيفة تقول بأنّ سفينة النبي نوح (علية السلام )عندما مرّت بالجبل احتكّت به ، فقال هذا سن جبل جار علينا فسمّي “جبل سنجار”، كما تشير رواية اخرى الى ان السلطان سنجرين ارسل ولده ليكون ملكاً عليها ،كما ان لجبل تسمية كوردية وهي” شنكال” و التي تتكون من “شنك” تعني الجمال و”ال “و تعني الجهة و بذلك يكون اسمه (الجهة الجميلة ) الا انه على الارجح يمكن القول ان اسم الجبل قد حرف بتعاقب الزمان خاصة و انه شغل موقعاً تجارياً و عسكرياً متميزاً .و يحتضن جبل شنكال بين ثنياته مدينة تحمل اسمه تقع على ربوة مرتفعة في سفح الجبل تعود الى ما قبل الميلاد يصفها اهل الجبل بانها الاكثر جمالاً و ثراء في حضن البادية الغربية
و كان جبل شنكال يعرف بالذات بمواكر الطيور الجارحة ، و كان مربي الطيور يتفاخرون بطيورهم لاسيما ان كان الطير من مواكر ذلك الجبل و خاصة طير حجل (كه و).و يعد من الجبال التي تتميز بالغرائب فتمتاز قمته بوجود احجار عجيبة تم اكتشافها اخيراً وهي تشبه في طبيعتها بلورات الملح ، التي وقتما تلامسها الشمس تذوب محتفظة في ذات الوقت بشكلها اذا ما نقلت الى الظل و يطلق عليها احجار(( شنكالرايت )). كما يشتهر جبل شنكال بتين و يصفه اهله بانه الالذ على مستوى العالم، و قد اشتهرت تتن جبل شنكال في جميع انحاءالعراق بسبب نكهته و رائحته تفوح رائحة انواع اخرى من تتن .
إذ يعتقد الايزيديون أنّ هذا الجبل كان مكاناً لأجدادهم عبر الزمان و تعرضوا الايزيديون الى 74 ابادة و كان الجبل منقدهم الرئيسي دائما و بقي اسطورة تواردتها السنة الناس حاله حال اي قائد او بطل ,كما اصبح جزءاً من التراث و الفلكلور يذكره ليس فقط الشنكاليون و انما الكثير من الشعوب , كما هناك الاف الاغاني و القصائد التراثية التي ترتبط قوة جبل شنكال بقوة اهلها و رجالها الشجعان ، يحتضن الجبل الكثير من المزارات و الرموز الدينية الايزيدية التي تمتد بالزمن اكثر من الف عام ولا سيما مزاري “شرفدين” و “مزار جليميران” .
و يعتبر اتباع الديانة الأيزيدية جبل شنكال، رمزا للقوة في مواجهة أعدائهم وملجأ يلجؤون له أثناء تعرضهم لحملات الإبادة الجماعية عبر التاريخ، ومركزا دينيا واجتماعيا مهماً، في أوقات الشدة والفرج
وتصدى جبل شنكال في أغسطس 2014 لهجمات تنظيم داعش الارهابي الذي سيطر على مدينة شنكال و قرى و مجمعاته ونفذ عمليات إبادة جماعية ضد الأيزيديين، وتمكن قرابة 300 ألف أيزيدي من النجاة عبر الاحتماء بالجبل، والصمود خلال الحصار الذي فرضه التنظيم الارهابي على الجبل لقرابة أربعة أشهر.
وتمكن المقاتلون الأيزيديون المتطوعون في ذلك الوقت، من التصدي لهجمات التنظيم الإرهابي، قبل أن تتمكن طيران التحالف الدولي بكسر الحصار، وفتح الطريق لإجلاء العائلات المحاصرة ونقلها لمخيمات النزوح في إقليم كوردستان, ان الابادة الاخيرة اثبتت اهمية جبل شنكال للايزيديين في الماضي و الحاضر و مستقبلاً و سيظل الجبل هوية الشنكاليين و القوة التي تحافظ على وجودهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى