طوفان الأقصى… هل هي الخطوة الأولى باتجاه حل القضية الفلسطينية.

لا تزال الأحداث الجارية في الأراضي الفلسطينية تعتبر المادة الأساسية في وسائل الإعلام العربية والغربية, وذلك لأهمية ما سيترتب على هذه الأحداث من متغيرات تطرأ على مجمل الساحة الإقليمية نتيجة لهذه الأحداث, والتي ستغير وجه منطقتنا لعقود قادمة.
لم يكن ما حدث في 7 أكتوبر الجاري حدثا عابرا او استثنائيا, فما جرى في هذا اليوم يعتبر الأعنف منذ بدء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي, فالأول مرة منذ عام 1967, تعلن إسرائيل حالة الحرب على أراضيها, وذلك بعد الهجمات التي شنتها كتائب القسام التابعة لحركة حماس الفلسطينية على المستوطنات الإسرائيلية وقتل وجرح وأسر الآلاف من الإسرائيليين لتنهال إسرائيل بقصف وحشي لم يسبق له مثيل على قطاع غزة, مخلفة ايضا عشرات الآلاف من الضحايا الفلسطينيين.
لم تمر موجة العنف هذه مرور الكرام على الوسائل الإعلامية, كما جرت العادة, بل انها حظيت باهتمام إقليمي ودولي واسع, حيث عاد الملف إلى تصدر المشهد العالمي مُحدثا استقطاب جذري بين داعمي كلا الطرفين, الأمر الذي يوشك على اندلاع حرب إقليمية, لاسيما بعد نية إسرائيلية بشن هجمة برية متكاملة وموسعة على القطاع وتهجير أهله, لتهدد العديد من الأطراف الإقليمية, وعلى رأسهم إيران, بالتدخل في حال شن هذه الهجمة, لتكون المنطقة بذلك على صفيح ساخن موشك على الانفجار.
انعكاس التوازنات الدولية.
موجة التصعيد هذه جاءت بعد سلسلة من الأحداث العالمية التي ادت إلى تغيير موازين القوى على المستوى الدولي, حيث ان الحدث الأبرز في هذا الاتجاه هو ما يجري في اوكرانيا اليوم, وذلك لأن الحرب الروسية الأوكرانية أدت إلى حدوث فرز في مجمل العلاقات والتحالفات الدولية, فالعديد من الدول التي كانت حتى الأمس القريب تدور في الفلك الأمريكي, انتقلوا بشكل او بآخر إلى المعسكر الروسي, لا سيما بعض الدول الخليجية, التي وثقت علاقاتها مع الروس في إطار منظومة أوبك+. في الوقت ذاته, اشتدت عداوة بعض الدول تجاه الروس, لتنخرط الصين بعد ذلك في خط المواجهة الدبلوماسية بين الجانبين الروسي والأمريكي. ليصبح العالم امام مشهد جديد من العلاقات الدولية.
هذا التغيير في الموازين والعلاقات الدولية, قد ألقى بظلاله على منطقة الشرق الأوسط ايضا, حيث شهدنا المصالحة السعودية الإيرانية نسبيآ, وكذلك انفتاح بعض الدول العربية على الحكومة السورية, والهدن التي تم الإعلان عنها في اليمن, كل هذه الأمور, جاءت كانعكاس لموازين القوة الدولية على منطقتنا. وتأتي عملية “طوفان الأقصى” التي اطلقتها الماتسمى بالمقاومة الفلسطينية في السابع من اكتوبر في هذا السياق ايضا, حيث يحاول الشعب الفلسطيني الاستفادة من التوازنات الدولية لإلقاء حجر في مياه القضية الفلسطينية الراكدة في المنطقة. وهذا ما يفسر التباين الكبير في المواقف الدولية والإقليمية حيال ما يجري اليوم في فلسطين.


هل بتنا على اعقاب الحل؟

ان مجمل القضايا الإقليمية والدولية العالقة منذ عقود وحتى اليوم تعود إلى توزان دولي قديم يتآكل, حيث ان السمة الأبرز للتوازن الدولي القديم كانت هيمنة الغرب عموما والأمريكان خصوصا على المشهد العالمي, الأمر الذي أدى إلى خلق بؤر توتر على الجغرافية العالمية بشكل عام, من اقصى الشمال إلى اقصى الجنوب العالمي, ومع تغيير هذه الموازين بغير صالح الأمريكان, وباتجاه علاقات دولية اكثر عدلا, نعتقد بان مجمل القضايا الإقليمية والدولية, وعلى رأسها القضية الفلسطينية, باتت اقرب إلى الحل اكثر من أي وقت مضى, وذلك بالاستناد إلى القرارات الأممية المتعلقة بهذه القضية, وعلى رأسها القرار242, والقرار338. أي أن كل رواسب العالم القديم المحتضر سيكون مصيرها الزوال, وذلك لأن مثل هكذا قضايا باتت اليوم تُثقل كاهل العالم اجمع, ولا بد من حلها حلا جذريا عادلا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى