الرحالة جيمس بكنغهام ورحلته إلى بلاد الرافدين عام 1816: دراسة أكاديمية لمشاهداته عن الإيزيديين

حيدر عربو اليوسفاني
المقدمة
يُعدّ الرحالة البريطاني جيمس سيلك بكنغهام (1786-1855) من أبرز المستكشفين الذين زاروا منطقة الشرق الأوسط في القرن التاسع عشر. بدأ بكنغهام رحلته إلى بلاد الرافدين في 27 أيار/مايو 1816، مارًا بمناطق متعددة منها سهول سنجار، الموصل، أربيل، وكركوك، وصولًا إلى بغداد. خلال هذه الرحلة، دوّن بكنغهام ملاحظات قيّمة حول الإيزيديين في مناطق مثل أورفة، سنجار، شيخان، ضفاف نهري الزاب الكبير والصغير، والضفة الشرقية لنهر دجلة بين الموصل وبغداد.
مشاهدات بكنغهام في منطقة سنجار
عند مغادرته تلال ماردين باتجاه الجنوب الشرقي، اقترب بكنغهام تدريجيًا من جبل سنجار، الذي يقدّر ارتفاعه بحوالي ألفي قدم وطوله يتجاوز خمسين ميلًا. أشار إلى وجود بعض اليهود الذين كانوا يتاجرون في بيع وشراء المواد المنهوبة، وكانوا يزورون المنطقة بانتظام. كما لاحظ أن المسيحيين يمكنهم التجول بين الإيزيديين بأمان إذا كانوا برفقة أحد أفراد المجتمع الإيزيدي، نظرًا لاحترام الإيزيديين للدين المسيحي.
وصف بكنغهام سكان سنجار بأنهم ينقسمون إلى مجموعتين:
- سكان السهول والتلال: يعتمدون على الزراعة ويميلون إلى حياة البداوة.
- سكان الجبال: يتميزون بالاستقلالية والشجاعة في الدفاع عن أراضيهم، مستفيدين من التضاريس الوعرة والممرات الضيقة التي تسهل الدفاع وتعيق المعتدين.
كما لاحظ أن الإيزيديين لا يحلقون شواربهم أو لحاهم، ولا يقصون شعرهم، مما يميزهم عن غيرهم.
الممارسات الثقافية والاجتماعية للإيزيديين
أشار بكنغهام إلى أن الإيزيديين في السهول والتلال يختلفون عن أولئك الذين يجوبون الجبال، حيث يعتمد الأولون على الزراعة ويميلون إلى حياة البداوة، بينما يتميز سكان الجبال بالاستقلالية والشجاعة في الدفاع عن أراضيهم. كما لاحظ أن الإيزيديين لا يحلقون شواربهم أو لحاهم، ولا يقصون شعرهم، مما يميزهم عن غيرهم.
العلاقات مع المجتمعات الأخرى
أفاد بكنغهام بأن المسيحيين يستطيعون التجول بين الإيزيديين بأمان إذا كانوا برفقة أحد أفراد المجتمع الإيزيدي، نظرًا لاحترام الإيزيديين للدين المسيحي. كما أشار إلى وجود بعض اليهود الذين كانوا يتاجرون في بيع وشراء المواد المنهوبة، وكانوا يزورون المنطقة بانتظام.
الممارسات الدفاعية والأمنية
قبل اجتياز منطقة سنجار، أُبلغ بكنغهام ورفاقه بأن طريقهم إلى الموصل لا يمكن اجتيازه إلا بوجود قوة مسلحة، نظرًا لخطورة المنطقة. لذلك، دخلوا في مفاوضات مع شيخ إحدى العشائر المحلية لتزويدهم بثمانين فارسًا مسلحًا لمرافقتهم خلال رحلتهم. وأشار بكنغهام إلى أن الإيزيديين في سنجار عاملوا القافلة برعاية وأدب، مما يدل على حسن تصرفهم تجاه الأجانب الذين يحترمون استقلالهم ويلبون طلباتهم المعتدلة عند عبورهم من هناك.
اللغة والثقافة
أشار بكنغهام إلى أن الإيزيديين يتحدثون فيما بينهم باللغة الكردية، مما يدل على ارتباطهم الثقافي واللغوي بمنطقة كردستان. كما لاحظ أن الإيزيديين لا يحلقون شواربهم أو لحاهم، ولا يقصون شعرهم، مما يميزهم عن غيرهم.
الاستنتاج
توفر ملاحظات جيمس بكنغهام خلال رحلته إلى بلاد الرافدين عام 1816 نظرة ثاقبة على حياة الإيزيديين في تلك الفترة، مسلطًا الضوء على جوانب متعددة من ثقافتهم، ممارساتهم الاجتماعية، وعلاقاتهم مع المجتمعات المحيطة. تُعد هذه المشاهدات مصدرًا قيمًا لفهم تاريخ الإيزيديين وتفاعلهم مع البيئات الجغرافية والثقافية في منطقة الشرق الأوسط.
المصادر
بكنغهام، جيمس سيلك. “رحلتي إلى العراق سنة 1816”. ترجمة سليم طه التكريتي. بغداد: مطبعة أسعد، 1968.