الحكومة العراقية بين عرقلة عودة الإيزيديين ورجوع عوائل داعـ ـش

زيوا نيوز – سنجار

لطالما كانت القضية الإيزيدية واحدة من أكثر القضايا الإنسانية إلحاحًا في العراق. فقد تعرض هذا المكون الأصيل لإبادة جماعية على يد تنظيم داعـ ـش الأرهابي في الثالث من آب 2014، حيث قُتل آلاف الرجال وسُبيت النساء وهُجّر عشرات الآلاف إلى مخيمات النزوح في إقليم كردستان. وعلى الرغم من تحرير مناطقهم منذ سنوات، إلا أن الحكومة العراقية ما زالت تتعامل مع عودتهم بالأتفاق مع حزب الديمقراطي الكوردستاني وكأنها قضية ثانوية، متجاهلتان معاناتهم ومعرقلة جهود استعادة حياتهم الطبيعية، في الوقت الذي تسهّل فيه عودة عوائل مقاتلي تنظيم داعش الأرهابي، ما يثير تساؤلات حول ازدواجية المعايير وسياسات التمييز والإهمال.

عرقلة عودة الإيزيديين.. تقاعس أم تواطؤ.. ؟

على الرغم من الوعود الحكومية المتكررة بإعادة إعمار سنجار وتأمينها، فإن الواقع يكشف عن عراقيل متعمدة أو غير مبالية لعودة الإيزيديين إلى ديارهم. فمنذ سنوات، يعاني الإيزيديون من:

● عدم استقرار أمني: سنجار لا تزال ساحة صراع سياسي وعسكري بين قوى محلية ودولية، حيث تتنازع الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان على النفوذ، بينما تبقى القصف التركي مابين حين وأخرى عائقًا إضافيًا أمام الاستقرار.

● تجاهل إعادة الإعمار: لم تشهد سنجار أي عملية إعادة بناء فعلية من قبل حكومتي المركزية والمحلية، فالبيوت مهدمة، والبنية التحتية شبه مدمرة، والخدمات الأساسية شبه معدومة.

● غياب التعويضات: لم يحصل الناجون الإيزيديون على تعويضات كافية عن جرائم الإبادة الجماعية التي تعرضوا لها، بل تُركوا ليواجهوا مصيرهم دون دعم حكومي حقيقي.

● بيروقراطية معقدة: كثير من النازحين لا يستطيعون العودة بسبب العراقيل الإدارية، مثل فقدان الوثائق الرسمية أو التعقيدات القانونية المرتبطة بملكيات الأراضي من ناحية، وعرقلة ديمقراطي الكوردستاني بحجج واهمة عدة من ناحية أخرى.

تسهيل عودة عوائل داعـ ـش.. مفارقة مؤلمة

في الوقت الذي يواجه فيه الإيزيديون معوقات تحول دون عودتهم، نجد أن الحكومة العراقية تعمل على تسهيل عودة عوائل مقاتلي داعـ ـش الأرهابيين من مخيم الهول في سوريا، بل وتوفر لهم مخيمات خاصة في مناطق آمنة وبإجراءات أقل تعقيدًا. هذه المفارقة الصارخة تطرح تساؤلات خطيرة حول أولويات الحكومة ومدى جديتها في تحقيق العدالة الانتقالية.

التداعيات المحتملة لهذه السياسة على المدى البعيد

إعادة إنتاج الفكر المتطرف: العديد من العائدين يحملون أفكار داعـ ـش، مما يزيد من خطر إعادة بناء حواضن إرهابـ.ـية في العراق.

● إثارة غضب الضحايا: إهمال الإيزيديين مقابل رعاية عوائل المجرمين يزيد من مشاعر الغضب والغبن، مما يهدد السلم المجتمعي.

● تشجيع الإفلات من العقاب: عدم محاسبة المتورطين في الجرائم الإرهابية وإعادة دمجهم في المجتمع دون محاسبة فعلية يقوض العدالة. ناهيك عن أقرار قانون العفو العام الذي يمهمد لنفس الهدف.

● استخدام هؤلاء العوائل لاغراض انتخابية: لاسيما الأنتخابات العراقية اصبحت على الأبواب، وجل الطبقة السياسية السنية تحاول بشتى الوسائل والطرق رفع رصيدها الأنتخابي، ومنها الأستفادة من هذا الملف دون النظر إلى الخطورة التي يحملها في المدى البعيد.

الخلاصة

إن المأساة الإيزيدية لا تنتهي بمجرد هزيمة مرتزقة داعـ ـش عسكريًا، بل تمتد إلى طريقة تعامل الحكومة العراقية مع هذا الملف الإنساني والحقوقي. إن استمرار سياسة التمييز والإهمال تجاه الإيزيديين، في مقابل تسهيلات تُمنح لعوائل داعش الأرهابية، يهدد النسيج الاجتماعي العراقي ويبعث برسائل خاطئة حول العدالة والمساواة. إن إعادة الإيزيديين إلى مناطقهم وتأمين حقوقهم يجب أن يكون أولوية وطنية، لا مجرد ورقة سياسية تُستخدم حسب المصالح هنا وهناك كما هو الحال.

جدير بالذكر، يبلغ العدد الكلي للعائلات العراقية في مخيم الهول 25 ألف شخصا بينهم 20 ألفا بين حدث وطفل دون الـ18 عاما وفق احصائيات رسمية. حيث بلغت اعداد العائلات العائدة حتى الآن من الهول إلى العراق أكثر من 2600 عائلة، أعيدت أكثر من 2000 عائلة إلى مناطقها الأصلية حتى الآن. كما أن تتجهز 155عائلة عراقية من عوائل تنظيم داعـ ـش الأرهابي المؤلفة من 569 شخصاً، للخروج من مخيم الهول بريف الحسكة نحو الأراضي العراقية بالتحديد إلى محافظة نينوى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى