القمة العربية في بغداد ومسألة الإيزيديين: الفرصة الغائبة

مقالات/ حيدر عربو اليوسفاني

مع تصاعد الحديث عن إمكانية عقد قمة عربية جديدة في العاصمة العراقية بغداد، تتجدد الآمال في أن تستثمر الحكومة العراقية هذا الحدث لطرح ملفات محلية ذات أبعاد إنسانية وإقليمية، وعلى رأسها قضية الإيزيديين، الذين ما زالوا يعانون تبعات الإبادة الجماعية التي تعرضوا لها على يد تنظيم “داعش” في عام 2014.

بغداد والعالم العربي: منصة لإعادة التوازن

استضافة بغداد لقمة عربية في هذا التوقيت الحرج من تاريخ المنطقة قد تمثل نقطة تحول في مسار العمل العربي المشترك. فالعراق، بعد سنوات من النزاعات والاضطرابات، يسعى اليوم إلى استعادة دوره المحوري عربياً، ليس فقط عبر الوساطات السياسية، بل أيضاً من خلال تسليط الضوء على القضايا الإنسانية التي تمس نسيجه الاجتماعي الداخلي.

الإيزيديون: معاناة مستمرة في ظل صمت عربي

الإيزيديون، تلك الأقلية الدينية التي تسكن في شمال غرب العراق، خصوصاً في منطقة سنجار، كانوا ضحية واحدة من أبشع الجرائم في القرن الحادي والعشرين. قُتل الآلاف منهم، وتعرضت آلاف النساء والفتيات للسبي، ولا يزال الكثير منهم في عداد المفقودين حتى اليوم. رغم مرور أكثر من عقد على الكارثة، لم تُعالج قضيتهم بشكل جاد على المستوى العربي، وظل الاهتمام بهم محصوراً في الإطار المحلي والدولي غير العربي.

لماذا يجب طرح قضيتهم في القمة العربية؟

تعتبر قضية الإيزيديين نموذجاً صارخاً لنتائج التطرف والإرهاب، ما يجعلها جزءاً من أي استراتيجية عربية لمكافحة الفكر المتشدد. كما أن التفاعل مع هذا الملف من زاوية إنسانية وحقوقية يعكس التزام الدول العربية بالقيم الكونية للعدالة، والاعتراف بمعاناة جميع مكونات شعوبها.

دعم إعادة إعمار سنجار، وتوفير الحماية القانونية للإيزيديين، وضمان عودتهم الكريمة إلى ديارهم، كلها قضايا يمكن أن تُطرح في القمة، ضمن بنود التنمية والعدالة الاجتماعية والمصالحة الوطنية.

هل يمتلك العراق الجرأة السياسية؟

يبقى التحدي في مدى استعداد الدولة العراقية لطرح هذا الملف الشائك أمام القادة العرب. إدراج الإيزيديين ضمن جدول أعمال القمة ليس فقط وفاءً وطنياً تجاه مكوّن عراقي أصيل، بل هو أيضاً رسالة حضارية وإنسانية من بغداد إلى العالم العربي، بأن العراق الجديد لا يتخلى عن ضحاياه، ولا يسمح بتكرار مآسي الماضي.

في الختام

إذا ما تجاهلت القمة العربية في بغداد معاناة الإيزيديين، فإنها بذلك تفوت فرصة ثمينة لتعزيز مفهوم التضامن العربي الشامل. فالقضايا الإنسانية لا تعرف طوائف ولا حدوداً سياسية، ومأساة الإيزيديين يجب أن تتحول من جرح وطني إلى قضية عربية ذات أولوية، في مسعى حقيقي لإنصاف الضحايا وتعزيز السلم المجتمعي في العراق والمنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى