قدسية عيد بوقتار بابا عند عشيرة الدنا

مقالات/حيدر عربو اليوسفاني
اذا نظرنا في تاريخ المجتمع الايزيدي فهو غني بفلسفته الفكرية و الرمزية و تراثه الاجتماعي و ثقافته الدينية ، وله العديد من الاعياد و المناسبات التي لها تأثيرها الايجابي على نفسية و سلوك غالبية افراد العشائر الايزيدية .
ومن هذه الاعياد عيد (بوقتار بابا) عند عشيرة الدنا وهي العشيرة الوحيدة من بين عشائر الايزيدية التي يحتفل بمراسيم و طقوس هذا العيد المقدس منذ مئات السنين .
بوقتار بابا هو احد اصحابنا الذي عاصر عهد شيخادي (عليه السلام)وله مكانة عظيمة عند شيخادي حتى قيل له (تو بخير هاتى بوقتارئ بابا ، مةزنئ چةندى سحابا ) وقد آتاه الاخير الرضاء و كان يحبه كثيراً و اعطاهُ (جرا) بمثابة سنجق صغير وكان يلبس الخرقة المقدسة ، و لهذا الصحابي الجليل علاقة وثيقة مع افراد عشائر الدنا ، كما اسلفنا يحتفل الدنا لوحدهم من بين العشائر الايزيدية بعيده و له قدسية خاصة و عظيمة واحتراماً كبيراً .
يصادف هذا العيد سنوياً في الجمعة الاولى من شهر ايار (مايس) بالحساب الشرقي علماً ان هذا العام صادف 16/5/2020، وهذا العيد مثل بقية الاعياد الايزيدية له علاقة بالطبيعة و فصول السنة حيث يبدأ موسم يبسان الطبيعة و بداية موسم الحصاد .
حيث يتجول امام عشيرة الدنا المسمى ب (فقيريت بوقتار ) وهو يمثل دور الامام ومن الواجب ان يكون لابساً الخرقة المقدسة بين مناطق التي يتواجد فيها ابناء عشيرة الدنا في كل من ولات الشيخ و شنكال و كردستان سوريا وارمينيا وسابقاً بعض من مناطق كردستان تركيا .
وان مراسيم تمجيد عيد بوقتار و الاحتفال به تتم بالشكل الاتي ، تقوم كوكبة من رتبة الفقير بوقتار ينتمون الى نفس العشيرة و تقف مع العشيرة في السراء والضراء بالتجول بين عوائل الدنانية بالسنجق متكون من جرا تشبه الى حد ما طأؤوس باستثناء صغر حجمه و الجزء العلوي منه عبارة عن كأس تفرقت من اعاليه اربعة انابيب من زوايا الاربع (جرا جار لولي ) و يبلغ طوله ما يقارب (40سم) يرافقه كأس او شربك و ثعبان صغير مذهب يسمى (زيا) و قطعة قماش خضراء اللون ، كما يقدم الفقير تذكرة (تةسكةرا) قطعة قماش حمراء اللون على كل عائلة دنانية و تعلق هذه القطعة من القماش فوق ابواب الخارجية لبيوتهم وذلك لابعاد الارواح الشريرة و نجاة من مرض الطاعون و حسب اعتقادهم ان بوقتار بابا هو امير (اله الطاعون) لا يدخل الطاعون الى بيوت المؤشرة بالقماش الاحمر لانهم مريديه الدنانية الذين يقدمون الذبائح سنوياً ويحتفلون بعيده .
وكان على كل عائلة دنانية يولد لها ابناً ذكراً ان يقدم كبشاً في عيده قرباناً لبوقتار بابا و يطلي جبيني الفتى بدم الكبش .
وقديماً وتحديداً في منطقة روها بكردستان تركيا حيث كانوا الدنانية يقومون بحفلات كبيرة في اوائل ايار الشرقي من كل عام و كانوا يجتمعون من كل حدب و صوب للاحتفال بعيده و تقديم القرابين له
و الدنانية في خانكي الى الان يحتفلون بطوافا (مم شفان) في حين نفسها (جمايا بوقتار ) لان كل الدنانية في نفس هذا اليوم في كل من شنكال و سوريا و تركيا و حتى ارمينيا يحتفلون في هذا اليوم تمجيداً لبوقتار و يقدمون الدبائح و الخيرات لاجله .
كما يوجد كهفاً في معبد لالش النوراني يسمى ب( كهف بوقتار) لا يدخله احد غير افراد عشيرة الدنانية حيث يقال ان من دخل فيه انهم سوف يصابون بالمرض طاعون ماعدا ابناء عشيرة الدنانية ، وله نيشان اخر بالقرب من مزار شيخ بابك في معبد لالش ، كما يوجد مزار باسم بوقتار في مجمع خانكي بالقرب من مزار بايزيد البسطامي ،كما له نيشان في ميردين بجبال داكا في كردستان الشمالية .
وللاسف الشديد عدم التطواف فقير بوقتار بين العشيرة الدنانية لهذا العام بين الدنانية شنكال و سوريا و ذلك سبب الاوضاع الصعبة و الماسأوية التي لحقت بهم و التي ادت الى تشتهم منذ سنوات .