ما هي الحرية.. ؟متى تسقط الحرية.. ؟

مقالات/ فلاح روج

نستهل الحديث عن الحرية بكلام دیكتاتور أوغندا السابق
عيدي أمين حين قال:
((لدينا حرية تعبير، لكن لا يمكنني ضمان الحرية بعد التعبير)
أما الحرية من منظور الفيلسوف الألماني هيجل فله بعد أخر حين أعطى تعريف فلسفي ومنطقي فيقول #فريدريش_هيجل:
“كثيراً من رغباتنا نتيجة لنشأتنا وتعليمنا والمجتمع الذي نحيا فيه والبيئة المحيطة بنا عموماً، وسواء أكان أصل هذه الرغبات بيولوجياً أو اجتماعياً، ففي كلتا الحالتين نحن لم نخترها، ونظراً لأننا لم نختر رغباتنا، فنحن لسنا أحراراً عندما نتصرف وفقاً لرغباتنا، إذا لم نكن أحراراً عندما نتصرف وفقاً لرغباتنا، فحينها يبدو أن الطريق الوحيد الممكن نحو الحرية هو تطهير أنفسنا من كل الرغبات..!”

الحرية بالذات سؤال صعب و لا أعتقد أن بأمكان أحد أن يقدم له تعريفا مرضيا، و لذلك فأن المؤرخ المغربي(عبد الله العروي) له كتاب كامل حول مفهوم الحرية فقط يركز فيه على أن المفهوم له أيضا جانبه التاريخي و أنه متغير بتغير الأماكن و الأزمان و غالباً ما تحكمه علاقة جدلية بالواقع و بالسياسة خصوصا و لاننا نتكلم في ثقافة الشرق الأوسط ومنها العربية فهو يقول أن كلمة حرية نفسها تعتبر كلمة حديثة في مفهومها الحديث بحيث يمكن أن نقول أنها من ما نجم عن صدمة الحملة الفرنسية على مصر و أنها لم تاخذ صيغتها الحالية و تغدو ذات أهمية إلا مع تشكل حركات التحرر الوطني بحيث يمكن أن نقول إن مفهوم الحرية دخل في ثقافتهم كأنه غاية جماعية و لم يكن له المفهوم الطاغي الأن بحيث يمكن أن نلاحظ انه في الغالب أضحى مفهوما مرتبطا بفورة النزعة الفردانية و علاقتها بالمجتمع و أنه أضحى في الغالب يختزل الى ما يسمونه الحريات الشخصية و مجموعة الحقوق التي توصف أنها من الجيل الخامس حسب بعض تصنيفات الأمم المتحدثة و هو أمر حديث في مجتمعاتنا و أعتقد انه نتيجة منطقية لفشل مشاريع التحرر الجماعية بكل صيغها الليبرالية و اليسارية و القومية و الإسلامية بحيث أن كل واحد من تلك التيارات تجد أن له مفهوما خاصا عن الحرية بعضهم يغلب حقوق الجماعة و بعضهم حقوق الفرد و أعتقد أن المفهوم في طريقه الى التغير و الى إتخاذ صيغ أخرى مغايرة لتلك التي لخص فيها خلال العقدين الأخيرين و هيمنة الفكرة المطالبة بالديموقراطية في مجتمعاتنا خصوصا في صيغتها التمثيلية و الغربية و أعتقاد كثر بأنها يمكنها أن تكون صالحة لكل المجتمعات و لكل الازمان و هي فكرة ايديولوجية أكثر منها مطلبا سياسيا عقلانيا لان كثيرون أعتقدوا أنه يكفي الأعتراف القانوني و استنساخ تجارب الأخرين كي تتمتع ربما بما يتمتعون به من حقوق و أن أثبت الواقع أن ذلك يظل من باب التمني لأن الأعتراف القانوني دون تطبيق و دون قناعة راسخة نتيجة التربية فانه يظل حبرا على ورق بل لعله الاساس الذي بنيت عليه كل الديكتاتوريات و المجتمعات الشمولية الهجينة التي هي الصبغة الطاغية في زمننا و هو ما يفسر تراجع هامش الحريات و الحقوق في العالم برمته لانه فيما أعتقد أن المجتمعات لم تعد تدرك او تفهم جوهر و ميكانيزمات السلطات التي تحكمها خصوصا مع وجود تعتيم و كولسة و فارق تكنولوجي لا يمكن ردمه داخل المجتمعات المتقدمة نفسها بين مدركات المجتمع و ما تملكه الاجهزة السرية و الدول العميقة و لعل ذلك هو السبب الرئيسي في أزهار كل انواع نظريات المؤامرة لان الاغلبية لا تعرف كيف يتم توجيهها او التحكم بها و السيطرة عليها من بعد و كأننا من جديد عدنا الى زمن سرية المعرفة و نظام دول الكهنة الفرق الوحيد أن كهنة الدول الحديثة هم غالبا من المتفوقين في مجالاتهم و المسلحين بمختلف المجالات، لن أقول العلم لأن كهنة الماضي أيضا كانت تلك علومهم و إنما التكنولوجيات و الاختراعات التقنية نوع من الكهنوت التقني التكنوقراطي المنغلق على نفسه و على أمثاله فقط و بالطبع هناك شبه تواطؤ على أن ذلك هو أصلح ما يمكن أن يسمح باستمرار المجتمعات و عدم شيوع الفوضى الشاملة و هو تبرير قد يصح و قد لا يصح لأن الفيصل في كل هذا هو أن تقلص المجتمعات الفارق التكنولوجي و المعرفي مع من يحكمها فعليا لأنه في كثير من الاحيان نظن أن من نعتقد أن بيدهم زمام الأمور هم أيضا مهيمن و مسيطر عليهم و لا يملكون سلطة إتخاذ القرار و هو ما يجعلني حقيقة غالبا ما أضيع واعدو تائه حينما يتعلق الامر بما يمكن أن نسميه الحرية و ذلك دون التطرق الى تعريفها الفلسفي و تعدد مدارسه و السياسي و هو ما ينعكس على التعريف القانوني الذي نتفق معه عموما أن حرية الفرد تنتهي عندما تبدا حرية الأخرين بأعتباره تعريف بسيط و منصف في كثير من جوانبه لأنه لحظتها تطرح و تتغير أيضا مفاهيم الحدود التي يمكن الالتزام بها و يتم التنكر الى ما نستشفه من التاريخ و هو أن الكثير من الحقوق هي غالبا ما تنتزع او أنها تفرض و أنها
نتيجة كفاح و نضال و صراع طويل مع السلطة و المجتمع في نفس الوقت من قبل مجموعة من الفاعلين و المنتجين للرؤى و للثقافات الهامشية و الثقافات المضادة و هو حديث ذو شجون كما يقال لا يمكن أن يشفي لا العقل و لا النقل فيه الغليل لكن ما أظنه هو أن أي سلوك وفقا لموازين القوى في كل مجتمع او كل حقبة يمكنه أن يكون حرية او أن يكون سلوكا خاطئا او حتى مدانا و بالطبع لا يمكن لعاقل أن ينكر أنه للتنشئة و التربية و منظومة زرع القيم دور بارز في تحديد ما يسميه كل فرد و كل مجتمع حرية و هو ما يتطابق و بعض افكار هيجل رغم انه هو يحافظ على فكرته في أن الإنسان يوما ما سيغدو عقلا فاعلا و أنه لن يتوقف عن الرغبة في التطور و في معانقة المثل النبيلة في الوجود عكس الرؤية النسبية التي تربط في الغالب كل ذلك بمستوى تطور الفرد و المجتمع و كيفية تحديدهم او انتاجهم لما يعتقدون أنه أولويات أو حقوق طبيعية غير قابلة للنقاش أو التفاوض و بالتالي لتسعير و للبيع و الشراء متجاهلين أن الحضارة الحالية ماضية نحو تسليع و تسعير كل شيء و أن الحرية نفسها أضحى لها ليس معادل أقتصادي بل ثمن و سعر للتمتع بها كما لفقدانها و كأنه بتوسيع قاعدة المطالبة بالحرية كل ما نجح المجتمع في انتاجه هو تقليص نسب المتمتعين بها فكلما كثر الحديث عن الحرية كلما تقلصت و حددت و قزمت و فصلت و قسمت و تم التلاعب و الأتجار بها وفقا لمتطلبات الاقلية المتنفذة في كل مجتمع.
لذلك يجب علينا أن نعلم مفهوم الحرية ونعلم الفرق بين الحرية وبين ممارسة السلوك الخاطئ أو المطالبة به، والذي قد يضر بالفرد وحده أو المجتمع بشكل عام، ويسبب انحراف أخلاقي لا يحمد عقباه، حتى لا تصبح ممارسة الرغبات والثقافة والسلوك الخاطيء في المجتمعات عبارة عن حرية..!
فهي عبارة عن أختيار بدون أي مؤثرات خاطئة سواء كانت #بيولوجية، أو #سيكولوجية، أو #فيسلوجية، أو #ديموغرافية…الخ من المؤثرات في علم النفس والإجتماع ، وما يقوم به بعض الأفراد وكذلك بعض المجتمعات هي عبارة عن تغذية أو ممارسة خاطئة كسبت تأثرها من تلك العوامل المؤثرة التي تم التطرق إليها وذكرها اعلاه وانصياعنا خلفها.
وعليه نستطيع أن نفهم معنى حقيقة الحرية الصحيحة التي لا تخالف الذوق والسلوك العام والثقافة النبيلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى